١٩٩٢ القاهرة
-الهرم
"بتعمل أيه؟"
فزعت من صوت أبي آتيا من خلفي ، و فقدت تركيزي المنصب على وجهي في المرآة
"بلعب "
أجبته في توتر، و أنا أحاول أعادة كل معدات ميكياج أمي لمكانها الصحيح على التسريحة
يمسك أبي بكتفي مديرا أياي لأواجهه
"ينفع اللي أنت عمله في وشك ده ؟ خش أغسل وشك "
ألقي نظرة أحباط على مجهودي الفني الرائع الذي سيذهب سداء في المرآه و أخرج من غرفة النوم لأدخل الحمام
خمس دقائق من غسيل و فرك وجهي تنجح في ازالة أغلب الميكياج الذي يزين وجهي
ولكن ليس تماما
أعود لأبي مطأطأ الرأس
"مش راضي يطلع "
يشير لي أن أجلس على السرير و هو يبحث عن شيء ما في أدراج التسريحة ، ويعود لي بقطنة عليها سائل نفاذ
"في حد يعمل كده يا باسم ؟"
يقولها و هو يفرك وجهي بالقطن ملوثا بياضه الناصع بكل ما حمل وجهي من ألوان، ربما مسح أيضا حمرة الخجل التي أعترتني
"هي ماما هتزعل أني أستخدمت حاجتها ؟"
أسأله ويده ما تزال تنظف وجهي ، لا يرد للحظة
ربما لم يفهم سؤالي من ألتواء شفتاي بفعل يده الممسكة بفكي لتثبيتي
لكن قبل أن أعيد السؤال يجيب قائلا
"ماما مش راجعة يا باسم و أتكلمنا قبل كده في الموضوع ده
أحنا هنرمي الحاجة ديه بعدين كده كده، بس مفيش راجل يحط روج و بودرة و كحل كده تبقى خنفس"
أفكر بالتأكيد ستعود، لن تظل مسافرة للأبد
"بابا هو قصدك أيه بخنفس ؟"
كان قد أنهى نصف كيس من القطن على وجهي و نظر لي نظرة تأكيد أخيرة
ثم هز رأسه في رضا و هو يلقي بالقطن الأسود في القمامة و قال
"خنفس ، زي فريق الخنافس الbeatles اللي بيغنوا "
أنزل من على الفراش ماشيا خلفه
"بيغنوا أيه ؟"
دون أن يلتفت يفتح الدولاب ليبدأ في أعداد الحقائب
"فاكر أغنية yesterday اللي أنت بتعزفها على الأورج الصغير بتاعك "
و يدندن اللحن مذكرا أياي بها
"أه أنا بحبها أوي هما اللي بيغنوها ؟"
ما لم أقله أن لحن تلك الأغنية يخيفني لسبب ما
"أه هما اللي بيغنوها و بيغنوا حاجات تانية كتير، هما باند أنجليزي مشهور "
يشرق وجهي و أتساءل
"أيه ده يهني كانوا صحابك في لندن ؟ كنت بتعزف معاهم ؟"
ينظر لي مبتسما
"لا يا حبيبي هما فريق قديم شوية على أيامي أنا"
يتوقف عن جمع الملابس لحظة و ينظر لي ، ثم يفتح الدرج المجاور للفراش و يخرج ثلاث شرائط كاسيت يعطيهم لي
"دول تلات شرايط ليهم ممكن تسمعهم و أحنا مروحين في العربية "
ألتقط الشرائط في حماس
أرفع رأسي متسائلا "بابا هو أحنا ليه منفضلش قاعدين هنا في بيتنا ؟"
يعود لترتيب الحقائب قائلا
"ما هناك برضه بيت تيتا بيتنا برضه يا حبيبي"
هذا لا يجيب عن سؤالي لكني كنت أنشغلت في تفحص الشرائط متفحصهم عن قرب قارئا لأسامي الأغاني
و بعد أن ودعنا الشقة التي قضيت بها أقل من عام منذ عودتنا من لندن أستمعنا للخنافس
طوال الطريق لمنزل جدتي
فزعت من صوت أبي آتيا من خلفي ، و فقدت تركيزي المنصب على وجهي في المرآة
"بلعب "
أجبته في توتر، و أنا أحاول أعادة كل معدات ميكياج أمي لمكانها الصحيح على التسريحة
يمسك أبي بكتفي مديرا أياي لأواجهه
"ينفع اللي أنت عمله في وشك ده ؟ خش أغسل وشك "
ألقي نظرة أحباط على مجهودي الفني الرائع الذي سيذهب سداء في المرآه و أخرج من غرفة النوم لأدخل الحمام
خمس دقائق من غسيل و فرك وجهي تنجح في ازالة أغلب الميكياج الذي يزين وجهي
ولكن ليس تماما
أعود لأبي مطأطأ الرأس
"مش راضي يطلع "
يشير لي أن أجلس على السرير و هو يبحث عن شيء ما في أدراج التسريحة ، ويعود لي بقطنة عليها سائل نفاذ
"في حد يعمل كده يا باسم ؟"
يقولها و هو يفرك وجهي بالقطن ملوثا بياضه الناصع بكل ما حمل وجهي من ألوان، ربما مسح أيضا حمرة الخجل التي أعترتني
"هي ماما هتزعل أني أستخدمت حاجتها ؟"
أسأله ويده ما تزال تنظف وجهي ، لا يرد للحظة
ربما لم يفهم سؤالي من ألتواء شفتاي بفعل يده الممسكة بفكي لتثبيتي
لكن قبل أن أعيد السؤال يجيب قائلا
"ماما مش راجعة يا باسم و أتكلمنا قبل كده في الموضوع ده
أحنا هنرمي الحاجة ديه بعدين كده كده، بس مفيش راجل يحط روج و بودرة و كحل كده تبقى خنفس"
أفكر بالتأكيد ستعود، لن تظل مسافرة للأبد
"بابا هو قصدك أيه بخنفس ؟"
كان قد أنهى نصف كيس من القطن على وجهي و نظر لي نظرة تأكيد أخيرة
ثم هز رأسه في رضا و هو يلقي بالقطن الأسود في القمامة و قال
"خنفس ، زي فريق الخنافس الbeatles اللي بيغنوا "
أنزل من على الفراش ماشيا خلفه
"بيغنوا أيه ؟"
دون أن يلتفت يفتح الدولاب ليبدأ في أعداد الحقائب
"فاكر أغنية yesterday اللي أنت بتعزفها على الأورج الصغير بتاعك "
و يدندن اللحن مذكرا أياي بها
"أه أنا بحبها أوي هما اللي بيغنوها ؟"
ما لم أقله أن لحن تلك الأغنية يخيفني لسبب ما
"أه هما اللي بيغنوها و بيغنوا حاجات تانية كتير، هما باند أنجليزي مشهور "
يشرق وجهي و أتساءل
"أيه ده يهني كانوا صحابك في لندن ؟ كنت بتعزف معاهم ؟"
ينظر لي مبتسما
"لا يا حبيبي هما فريق قديم شوية على أيامي أنا"
يتوقف عن جمع الملابس لحظة و ينظر لي ، ثم يفتح الدرج المجاور للفراش و يخرج ثلاث شرائط كاسيت يعطيهم لي
"دول تلات شرايط ليهم ممكن تسمعهم و أحنا مروحين في العربية "
ألتقط الشرائط في حماس
أرفع رأسي متسائلا "بابا هو أحنا ليه منفضلش قاعدين هنا في بيتنا ؟"
يعود لترتيب الحقائب قائلا
"ما هناك برضه بيت تيتا بيتنا برضه يا حبيبي"
هذا لا يجيب عن سؤالي لكني كنت أنشغلت في تفحص الشرائط متفحصهم عن قرب قارئا لأسامي الأغاني
و بعد أن ودعنا الشقة التي قضيت بها أقل من عام منذ عودتنا من لندن أستمعنا للخنافس
طوال الطريق لمنزل جدتي